الحياة بعد الأربعين هدوء ومتعة
أحلام علي
سن التوازن والنضوج
الحياة بعد الأربعين .. هدوء ومتعة
حينما تسرع الخطى بالمرأة إلى سن الأربعين، يتبادر إلى ذهنها أنها بدأت طريق الذبول، وفي اقترابها من منتصف العمر، تهلع من معايرة زوجها لها بأنها كبرت، ولم تعد قادرة على تلبية كل احتياجاته، أي إنه بكلمات مقتضبة أنهى "فترة خدمتها".
فكيف تتهيأ المرأة للدخول في هذه المرحلة؟ وكيف تجعلها أكثر متعة؟ وكيف تتغلب على بعض الأعراض التي تواكبها؟
يجيبنا عن هذه الأسئلة وغيرها الدكتور ماهر مهران – أستاذ النساء والولادة بجامعة القاهرة – في الحوار التالي:
لا لليـأس
لماذا سميت هذه الفترة عند المرأة بسن اليأس؟
إنه لأمر سيئ أن سميت تلك الفترة من حياة المرأة خطأ بـ "سن اليأس" فتظهر وكأنها نهاية لحياة المرأة إذ تشعر أن أولادها من حولها أصبحوا في غير حاجة ماسة إليها، بعدما غدوا يعتمدون على أنفسهم، ويزيد من تعاستها أن الرجل في مثل هذه السن يكون قد اكتمل رجولةً، ووصل إلى أوج مركزه الاجتماعي.
والحقيقة أنه "لا يأس" هناك، ولا ذبول إلا لوظيفة واحدة من وظائف المرأة وهي التبويض، والقدرة على الحمل، لحكم يعلمها المولى – عز وجل – منها أن تقضي المرأة مرحلة أخرى من حياتها في سعادة وهدوء بعد أن نمت عقلياً، وازدادت خبرتها في الحياة، وهذا من رحمة الله – تعالى – بالمرأة في هذه السن بعدما كان كل جهدها، ووقتها عبارة عن عبء كانت تحمله في فترة حياتها الخصبة فتخففت منه في هذه المرحلة، وهو التناسل، وما يصاحبه من وعكة حيض، وتعب الحمل، وألم الولادة ومتاعب الرضاعة.
هل تتفاوت المرحلة العمرية في هذه الفترة بين امرأة وأخرى؟
إن فسيولوجيا جسم المرأة تتفق مع متطلبات الصحة؛ فنجد أن مبيض المرأة يتوقف تلقائياً عند الأربعين عن تقديم البويضات، ثم يبدأ تدريجياً لمدة سنوات في إفراز كمية من الهرمونات تقل سنة بعد أخرى. وحينما تقل الهرمونات إلى درجة معينة خلال هذه المرحلة ينقطع الحيض.
وانقطاع الحيض يحدث غالباً في نحو سن الخامسة والأربعين، ولكن هذه السن تختلف من بلد إلى آخر، ومن سيدة إلى أخرى، والثابت أنه ليس هناك ارتباط بين سن انقطاع الحيض، ونوع وصفات الحيض، أو عدد مرات الحمل، أو المناخ الذي تعيش فيه المرأة، ثم إن انقطاع الحيض مبكراً في الثلاثينات يحدث بصورة وراثية في بعض العائلات.
أعراض ومظاهر
هل هناك أعراض تصاحب انقطاع الدورة الشهرية؟ ولماذا؟
إن انقطاع الدورة مبكراً قد يكون صناعياً كما يحدث بعد استئصال المبيض لأسباب مرضية، وفي هذه الحالة تَحدث أعراضٌ شديدةٌ تهز المرأة هزاً عنيفاً جسمياً، ونفسياً، والسبب واضح إذ إن مصدر الهرمونات من المبيض تنقطع فجأة في حين أن ما يحدث في الطبيعة من انقطاع في الهرمونات، يحدث تدريجيّاً، وعلى مدى سنوات عديدة، وانقطاع الحيض في مرحلة ما يسمى خطأ بسن اليأس له طرق ثلاثة:
• أن يكون على صورة مفاجئة فتنقطع الدورة، ولا تحدث بعد ذلك مدى الحياة.
• أن تقل كمية الحيض تدريجياً وتطول المدة بين حيض وآخر إلى أن يتوقف الحيض نهائياً.
• أن يأتي الحيض على هيئة نزيف قد يكون شديداً فيؤثر في المرأة، ويؤدي إلى إصابتها بأنيميا شديدة وفي هذه الحالة لابد من استشارة الطبيب حتى تستبعد الأسباب الأخرى الأكثر أهمية التي تؤدي إلى هذا النزف.
ما التغيرات التي تطرأ على المرأة في هذه السن؟
تحدث تغيرات مختلفة في جسم المرأة؛ فيبدو عليه شيء من السمنة، وكما أن هناك تغيرات جسمية فهناك تغيرات نفسية عديدة ومختلفة، ومن الإنصاف أن نعترف بأن هذه المرحلة تتعرض فيها المرأة – مهما كانت قوتها الجسمية وتكوينها النفسي – إلى ضغوط، ومسؤوليات متعددة؛ فتشكو من أعراض كثيرة بعضها ناتج من تغيرات المبيض، والآخر ناتج عن استعدادها النفسي لتقبل هذه المرحلة، والنوع الثالث يظهر لأن المرأة في هذه السن تكون أكثر قابلية لظهور أمراض مختلفة مثل: ارتفاع ضغط الدم، والسكر، والأمراض الروماتيزمية.
و في مقدمة هذه الأمراض التي تصاحب هذه المرحلة أعراض عصبية ونفسية مثل: الضيق والاكتئاب، والميل إلى الوحدة عند البعض، والعصبية، والثورة لأتفه الأسباب عند البعض الآخر، وخطورة هذه الأعراض أنها تظهر في جميع أفراد الأسرة من زوج، وأولاد، وتصبح الأم سبباً في اكتئاب جميع أفراد أسرتها، أو سبباً في المشكلات التي لا تنتهي ويظهر سلوكها في مكان عملها بما فيه من رؤساء، ومرؤوسين، ويصاحب ذلك غضب وانطواء، وقد تتردد المرأة كثيراً على الطبيب خوفاً من ارتفاع ضغط الدم.
و من أهم الأعراض وأكثرها "الفورات الحرارية" التي تأتي على صورة نوبات تحس المرأة فيها بارتفاع في الحرارة، وسخونة في الوجه، والصدر، والرقبة.
وقد تبدأ هذه الفورات في أسفل الجسم، وترتفع إلى الصدر، والوجه، ويصاحبها إحساس بضيق شديد حول الرقبة، وشعور بالاختناق، ويصحب ذلك عرق غزير، وتحدث هذه النوبات على فترات حسب شدتها؛ فقد تكون كل أسبوع، أوكل يوم – أو أقل من ذلك أو أكثر – ثم إنه ليس لها سبب واضح؛ فمن الممكن أن تحدث عقب غضب، أو قلق نفسي، أو نتيجة حرارة الجو، خاصة في الصيف، أو بدون سبب على الإطلاق.
تهيئة وتكييف
كيف تستقبل المرأة هذه المرحلة؟ وكيف تجعلها أكثر متعة؟
الأمر يختلف تبعاً لعوامل عدة منها شخصية المرأة، ونموها العقلي، واتزانها النفسي، وثقافتها، ووعيها بهذه التغيرات الفسيولوجية، ومنها ما إذا كانت عاطفة أمومتها قد ارتوت بإنجاب أبناء وبنات صالحين، أولم تنجب، وما إذا كانت على رأس أسرة سعيدة ليس بها مشكلات عنيفة، تمر هذه المرحلة بهدوء بل ترحب بها؛ إذ إنها تُنهي ما تبقى من مشكلات ومسؤوليات مرحلة الإنجاب.
فعلى المرأة أن تثق بأن سن الأربعين هو سن التوازن النفسي، والنضوج الذهني والفكري؛ فهي في هذا العمر أم وزوجة خبرت الحياة، وفقهت تجاربها، وازدادت حكمة، وحنكة، وعقلانية وهدوءاً، وهو ما يجعلها قمة في العطاء، ومخزوناً كبيراً من القدرة والكفاءة، فعليها أن تنطلق من هذا التفكير في حربها ضد كآبة منتصف العمر.
وإذا كانت تخشى معايرة زوجها لها بكبر السن – فلا يجب أن تتأثر بذلك بل تنأى بنفسها بعيداً عن مشاعر السلبية والدونية؛ فالرجل أيضاً يكبر لكنه يكابر، وعليها أن تثقف نفسها وشريكها في هذا المضمار ليخرجا من المرحلة دون خسائر، وعندما تتحدث عن مرحلة منتصف العمر فلتكن متفائلة، ومبتسمة، وتقنع نفسها ومن حولها أنه لا يأس بعد الأربعين؛ فهو سن "الأمل" لمرحلة جديدة تسعى فيها المرأة لتجديد حيويتها وشبابها، ولتتمثل بامرأة الريف فتعمل، وتنشط، ولا تستسلم لدور الضحية التي تستسلم لتقلبات الزمن.
منقول
البرنسيسة~~مها
يعطيك العافيه
يسلموووو
ماقصرتي