من الأمراض الشائعة التي تصيب العين
انسدال «ارتخاء» الجفن العلوي للعين نوعان..«خلقي» و»مكتسب»
انسدال الجفن العلوي من الأمراض الشائعة التي تصيب العين. هذا الانسدال ينقسم إلى قسمين رئيسيين. قسم خلقي يتم اكتشافه غالباً من قبل الوالدين في فترة مبكرة من عمر الطفل. أما القسم الآخر فهو المكتسب وهذا يصيب المريض لأسباب مختلفة سوف يأتي الحديث عنها في هذا المقال. الجفن العلوي في الوضع الطبيعي يغطي 1 ملم من الجزء العلوي من القرنية، يحافظ على وضع الجفن بهذا الشكل عضلتان رافعتان للجفن، عضلة أمامية تقوم بالدور الرئيسي لرفع الجفن وعضلة خلفية تقوم بدور مساعد في رفع الجفن. في حالة انسدال الجفن العلوي يغطي الجفن 2ملم أو أكثر من الجزء العلوي من القرنية وفي الحالات المتقدمة قد يغطي الجفن على حدقة العين فيحجب الرؤية من خلال العين المصابة.
تقييم المريض المصاب بانسدال الجفن
يبدأ التقييم بسؤال عدة أسئلة عن التاريخ المرضي لانسدال الجفن، متى تم اكتشاف الانسدال، هل هناك أشياء تؤثر في شدة الانسدال، هل مستوى الانسدال ثابت أم متغير، هل حدثت إصابة للعين أو أجريت لها عملية سابقة أو أخذ حقنة بوتكس حول العين، هل المريض يرتدي عدسات لاصقة، هل المريض مصاب بأمراض أخرى كمرض السكري أو أمراض تصيب الأعصاب أو العضلات، هل أحد أفراد العائلة مصاب بانسدال الجفن.
ثم يأتي بعد ذلك فحص العين ويبدأ بتقييم حدة الإبصار ثم فحص العين فحصاً كاملاً، وأثناء الفحص يتم تحديد شدة انسدال الجفن وذلك بقياس المسافة بين طرف الجفن العلوي وانعكاس الضوء على حدقة العين وهل يغطي الجفن حدقة العين، كذلك قياس المسافة بين طرف الجفن العلوي والسفلي وتكون في العين الطبيعية من 8 إلى 10 ملم، ثم يلي ذلك تقييم وظيفة العضلة الرافعة للجفن كما في الشكل التوضيحي. تكون وظيفة العضلة ممتازة إذا كان القياس 13 ملم فأكثر، فإذا كان قياس وظيفة العضلة من 9 إلى 12 ملم فتعتبر وظيفة العضلة جيدة، أما إذا كانت من 5 إلى 8 فتكون مقبولة وفي حالة كان قياس وظيفة العضلة 4 ملم وأقل فهذا يعطي دلالة على ضعف شديد في قدرة العضلة على أداء وظيفتها. في بعض حالات انسدال الجفن تختفي الطوية التي توجد في الجفن العلوي وهذا يعطي أيضا دلالة على ضعف شديد في العضلة الرافعة للجفن، ومن الأشياء المهم تدوينها عند فحص انسدال الجفن عند الأطفال ملاحظة إذا كان مستوى انسدال الجفن يتغير مع حركة الفك السفلي وهذا يحدث في حالات قليلة من المرضى.
أسباب انسدال الجفن
يحدث انسدال الجفن إما لسبب خلقي أو مكتسب، وسنبدأ الحديث عن انسدال الجفن الخلقي.
انسدال الجفن الخلقي
يحدث هذا الانسدال نتيجة خلل في تكون العضلة الرافعة للجفن خلال فترة الحمل وهذا الخلل ليس معروفا عنه أنه يحدث بسبب وراثي. فعند حدوث هذا الخلل فإن وظيفة العضلة تتفاوت بتفاوت كمية الألياف العضلية الطبيعية الموجودة فيها. وخلال إجراء العملية لإصلاح انسدال الجفن الخلقي نجد لون العضلة الرافعة للجفن أصفر في كثير من الحالات بدلا من اللون الطبيعي للعضلة وهو اللون الأحمر وهذا نتيجة ترسب الدهون في داخل العضلة، مما يؤثر على قدرة العضلة الرافعة للجفن على الانقباض والانبساط، فعندما ينظر المريض إلى أعلى يكون مستوى الجفن في العين المصابة أدنى من العين الأخرى بسبب عدم قدرة العضلة الرافعة للجفن على الانقباض بشكل طبيعي ولكن عندما ينظر إلى أسفل يكون مستوى الجفن في العين المصابة أعلى من العين الأخرى لعدم قدرة العضلة الرافعة للجفن على الانبساط بشكل طبيعي.
انسدال الجفن المكتسب
هناك أسباب كثيرة لحدوث انسدال الجفن المكتسب وسوف أذكر هنا فقط بعضاً منها.
ضعف أو انفصال جزئي في اتصال وتر العضلة الرافعة الأمامية للجفن بالجفن نفسه وهذا قد يحدث بسبب تقدم العمر، إصابة أو عملية في العين، أو استخدام العدسات اللاصقة لفترة طويلة. في هذا النوع من انسدال الجفن تكون وظيفة العضلة الرافعة للجفن طبيعية.
إصابة في العصب القحفي الثالث المعصب للعضلة الأمامية الرافعة للجفن وهذا قد يحدث نتيجة أسباب كثيرة كإصابة في الرأس، ورم في الدماغ، توسع في أحد الأوعية الدموية الرئيسية داخل الرأس، جلطة في أحد الأوعية الدموية المغذية للعصب القحفي الثالث، أو اعتلال خلقي في العصب القحفي الثالث. انسدال الجفن بسبب إصابة في العصب القحفي الثالث يكون من النوع الشديد ويصاحبه «حول» في العين المصابة.
إصابة في العصب السميتاوي «المتعاطف» المعصب للعضلة الخلفية الرافعة للجفن وهذا النوع من انسدال الجفن يكون من الدرجة البسيطة ويصاحبه صغر في حجم حدقة العين وارتفاع بسيط بالجفن السفلي في نفس الجهة المصابة.
ضمور مكتسب في العضلة الرافعة للجفن كما في مرض شلل عضلات العين الخارجية المزمنة التدريجي وهذا النوع من انسدال الجفن قليل الحدوث. في هذا النوع من انسدال الجفن تكون وظيفة العضلة الرافعة للجفن ضعيفة.
اختلال في نقل السيالات العصبية من العصب إلى العضلة الرافعة للجفن ومن أشهر الأمراض المسببة لهذا النوع من انسدال الجفن مرض الوهن العضلي الوخيم. تجدر الإشارة هنا إلى أن انسدال الجفن بعد أخذ حقنة البوتكس بالقرب من العين يحدث أيضاً بسبب اختلال في نقل السيالات العصبية من العصب إلى العضلة الرافعة للجفن، لكن هذا الاختلال مؤقت ويزول تلقائيا خلال فترة 6 أسابيع تقريباً.
انسدال الجفن بسبب ثقل في الجفن العلوي إما لورم في الجفن، التهاب، أو تجمع سوائل.
علاج انسدال الجفن
العلاج بالأدوية
نسبة قليلة جداً من انسدال الجفن يمكن علاجه عن طريق الأدوية كمرض الوهن العضلي الوخيم. عند انسدال الجفن بسبب أخذ حقنة بوتكس بالقرب من العين يمكن أن يعطى المريض قطرات تساعد على رفع الجفن قليلا ريثما يزول مفعول حقنة البوتكس.
العلاج الجراحي
علاج انسدال الجفن يكون عن طريق التدخل الجراحي في الغالبية العظمى من الحالات. في حالة انسدال الجفن الخلقي يفضل إجراء العملية في وقت مبكر من حياة الطفل إذا كان الجفن يغطي حدقة العين أو نتجت عنه عيوب انكسارية تؤثر على وضوح الرؤية في العين المصابة وذلك لتلافي حدوث كسل في العين، أما إذا كان انسدال الجفن الخلقي من النوع المتوسط فينصح القيام بالعملية في سن قبل دخول المدرسة لتجنيب الطفل الإحراج من زملائه في الدراسة. أما انسدال الجفن عند البالغين فتجرى العملية في أي وقت يرى المريض حاجته لإجرائها.
عملية إصلاح الجفن تجرى تحت التخدير العام للأطفال أما للبالغين فتجرى تحت التخدير الموضعي، وتجرى العملية بعدة طرق حسب شدة انسدال الجفن:
في حالة انسدال الجفن البسيط يمكن شد العضلة الخلفية الرافعة للجفن عند طريق الجزء الداخلي للجفن مع عدم الحاجة لإجراء فتحة في الجلد بشرط أن تكون وظيفة العضلة ممتازة.
شد العضلة الأمامية الرافعة للجفن ويتم الوصول للعضلة عن طريق فتحة صغيرة في طوية الجفن العلوي بشرط أن تكون وظيفة العضلة جيدة أو مقبولة.
في حالة أن وظيفة العضلة ضعيفة فيتم استخدام دعامة لتوصيل الجفن بالعضلة فوق الحاجب للاستعانة بها لرفع الجفن. بعد العملية يعطى المريض مضاداً حيوياً موضعياً لمدة أسبوع تقريباً بالإضافة إلى استخدام مرهم وقطرة لترطيب العين في الأسابيع الأولى بعد العملية.
مضاعفات انسدال الجفن
كسل العين من أهم مضاعفات انسدال الجفن عند الأطفال إذا لم يعالج في فترة مبكرة من العمر. بعض المرضى قد يشتكي من الصداع بسبب الجهد الذي يبذله المريض لفتح العين المصابة بانسدال الجفن لفترات طويلة. بالنسبة للمضاعفات الناتجة عن العملية، قد يصاب المريض بالتهاب أو نزيف في الجفن وهذه ولله الحمد نادرة الحدوث. بعض المرضى قد يحتاج إلى أكثر من عملية للجفن للحصول على نتائج مرضية.
د. عادل السحيباني
استشاري جراحة تجميل وتقويم العين
موضوع مفيد جدا ودراسه رائعه تسلم ايدك