تعالوا أدلكم على السعادة !!

يبحث الإنسان عن السعادة أحياناً حوله وبين الآخرين، ولا يدري أنها

تكمن داخله، وإنما عليه اكتشافها، وفهم نفسه والغوص بأعماقها

وتحريرها من عبوديتها للمادة والحسد والغيرة والامتلاك والفوز

والتفوق، وعليه اعتناق قيم فاضلة تتمحور حول القناعة بما هو عليه،

والرضا بما هو فيه.حينها ستكون قراراته وسلوكياته وتصرفاته نابعة

من توافقه مع ذاته، فلن يتضايق ويتكدر من تقلبات الحياة حوله،

وسيرضى بنصيبه كجزء من إيمانه بالقضاء والقدر، وسيشع الجمال حوله

من حمده لله على نعمه التي لا تحصى، والتي يراها متجسدة بكمالها

وإجلالها أمامه، ويتحول التافه إلى إعجاز لا مثيل له بعيونه وعقله

وحسه وبصيرته المتعبدة.

أول درس للنجاح، أن يكون المرء نفسه مهما كان بسيطا فإنه ينفرد

بشخصه وكينونته وصفاته الفردية التي لا يشابه بها أحدا.لا تحسد

الآخرين ولا تقلل من شأنك، ابحثوا داخلكم وستجدون خصالاً جميلة

ونواحي مختلفة، ولكنها لن تكون أقل مما تعتقدون، ولا تنسوا أن الله

قسم الأرزاق، ويكمن الجمال بأنه سبحانه ملكك ما هو لك وليس مسروقا

من غيرك، حتى ولو لم يعرفه الآخرون، يكفي أن تعرف نفسك وتحبها

وتفخر بها، ولا تتنافر مع تصرفاتها وأفعالها وتقع في شر تناقضاتها

وسوء توجهاتها. إن الشعور بالنقص نحن نخلقه، ونستطيع الوصول إلى

الكمال الداخلي بتقبل الذات والرضا عنها، وثقتنا بالنفس هي ما تصنع

تميزنا وتبرز صفاتنا، ولن تكون ما دمنا أوائل الطاعنين بقدراتنا

والمتمنين ما لدى غيرنا.

أكبر عقوبة يمنى بها الإنسان أن لا يتوافق مع ذاته ولا يرضى عنها، لا

تعجبه حتى صورته في المرآة لأنها تعكس ذبذبته وضياعه واستياءه

ورفضه لسلوكياته وباطنه. إنه يدرك قبل كل الآخرين الفوضى الداخلية

التي يهدر فيها وتحرمه الدعة والتقبل وراحة البال. براكين ثائرة تفور

داخله تحرضه على الغضب من كل شيء، لأنه محروم من القناعة

بالحال، ولأن تصوره عن حياته لم يتطابق مع الواقع الذي يعيشه.يقول

الله سبحانه وتعالى {يا أيتها النفس المطمئنة}، وكيف تكون مطمئنة إذا

كان الشخص مضطربا متوترا حانقا لا يستقر على حال من الهدوء

والسكينة..؟اللهم اجعلنا من الحامدين الشاكرين القنوعين لننعم بخيرك،

ولا تضل نفوسنا وتجعلها نهمة تهيم في الأرض، مهما نالت لا تشبع،

ومهما حصّلت لا ترضى، ومهما حظيت لا تسعد.السعادة الحقيقية عدم

إغضاب الله، وتجنب نقمته، ورد الأذى بشكره وطاعته وحمده، وكف