أسباب الإختلاف بين الزوجين:
والإختلاف بين الزوجين في غالب الأحيان ليس متولداً من فراغ؛ بل له أسباب متعددة ويمكن أن نذكر بعضها على سبيل المثال لا الإستقصاء:
أ ـ غياب التراضي بين الزوجين حين يتعسف الولدان في استعمال الحق فيرغمان الزوجين على التزاوج غير مقدّرين العواقب الوخيمة فضلاً على تخطي حدود الشرع الذي يشترط التراضي في العقود, وهذا لا يعني أن كل الزيجات التي تتم بهذه الطريقة مآلها الفشل ولكن الحكم للغالب.
ب ـ إختلاف مزاج الزوجين, وفي هذه الحالة يجب التريث لأن عدم التلائم قد يكون وليد الإنتقال المفاجئ في الحياة من وضع إلى وضع آخر قد تتباين فيه العادات والتقاليد والثقافة في بعض عناصرها؛ فالصبر مع بدل الوسع للتفاهم والتّلاؤم وتقدير عامل الزّمان لحدوث التألف اللازم هو المخرج من الأزمة.
ج ـ غياب الوعي الإجتماعي؛ هذا الوعي الذي يجعل الأطراف تتصور العواقب الناجمة عن الإنفصال بالنسبة لكل الجهات, وهذا ما يجعل الخلافات تواجه غالباً بالهواء في غياب الضوابط الشرعية والأخلاقية خاصة إذا تدخلت عائلتا الطرفين بذهنية: "أنصر أخاك ظالماً أو مظلوما…"(7)
د ـ غياب المرجع الموحد من الناحية العملية ليعرض كل طرف على ضوئه حقوقه وواجباته فيعطي الذي عليه قبل المطالبة بالذي له وهو ما أدى إلى تداخل الصلاحيات وإلى الإصطدام لأن المرجع الذي ينطلق منه كل طرف لتحديد موقعه في الأسرة قد يختلف خاصة وأن مجتمعنا قد تضافرت فيه عوامل الشقاق, فالتقاليد كثيراً ما تحتل موقع الشرع والتقليد للغرب قد يمثل المثل الأعلى فطرف يعتبر التقاليد هي الشرع والطرف الآخر يرى أن التقليد لا يتعارض مع الشرع.
ويمكن إضافة عامل آخر وهو عدم وضوح الهدف الذي يرمي إليه من خلال عمل المرأة. فالتصور المنطقي يرى أن عملها لسد حاجة الوطن إلى كفاءة تتمتع بها وتساهم بمرتبها في تحسين مستوى معيشة الأسرة؛ ولكن الهدف الذي ترسمه الإيديولوجيات المستوردة وتتأثر بها شرائح من المجتمع هو أن عمل المرأة لتمكينها من التّحرّر من سلطة الرّجل ورفعها إلى مستواه لا في الكرامة الإنسانية, لكن لمنازعة موقعه.
إذن غياب المرجعية كثيراً ما يؤدي إلى التصادم المقضي إلى الإنفصال الذي يدفع ثمنه كل من المرأة والأطفال والمجتمع.
ومن أسباب غياب المرجعية في منظومة العلاقات الإجتماعية والأسرية هجمة الحضارة الغربية التي أفسح لها وضعنا المتخلف المجال لتحتل موقع النموذج في كثير من الأحيان.
لعلّ قائلاً يقول إنه عندنا قانون الأسرة الذي يوضح إلى حد بعيد الحقوق والواجبات. والحق أن القوانين هي طريقة لفض النزاعات الناشئة بين الأطراف المتاقدة أو المتعاملة ولكن السلّك اليومي إنما يستوحيه الفرد من منظومة القيم التي توجه سلوكه وتصرفاته وهذا ما يلزمنا أن نوجه أصبع الإتهام لمنظومتنا التربوية ومختلف الأجهزة المتعاونة على بناء الإنسان.
مع خالص حبي لكم